هل تعلم كيف تحولت شركة ناشئة إلى عملاق في مجال خدمات التوصيل بقيمة سوقية تصل إلى 10 مليارات دولار؟ هذا ما سنستعرضه في هذا المقال.
بدأت الرحلة بمجموعة صغيرة من المطورين الطموحين، لتصبح اليوم واحدة من أبرز قصص النجاح في العالم العربي. تغطي خدماتها 10 دول وتخدم ملايين العملاء يومياً.
يعتمد هذا النجاح الكبير على استراتيجيات واضحة: الابتكار التكنولوجي المستمر، والتوسع الجغرافي المدروس. سنتعمق في هذه العوامل لنفهم سر تميز هذه المنصة.
النقاط الرئيسية
- تأسست الشركة برؤية طموحة لتحسين تجربة التوصيل
- حققت نمواً سريعاً في السوق العربي
- تصل قيمتها السوقية حالياً إلى 10 مليارات دولار
- تعتمد على أحدث التقنيات في تقديم خدماتها
- توسعت لتغطي 10 دول عربية
بداية قصة طلبات: الفكرة والتأسيس
وراء كل نجاح كبير توجد بداية متواضعة، وهذا ما ينطبق تماماً على رحلة طلبات. بدأت الفكرة كشركة ناشئة صغيرة في الكويت عام 2004، لتصبح لاحقاً منصة رائدة في مجال التوصيل بالمنطقة.
الإلهام من شركة “أطلب” المصرية
تعود جذور المشروع إلى تجربة مؤسسها خالد العتيبي أثناء دراسته في مصر. خلال عمله لمدة ثلاثة أشهر في شركة “أطلب دوت كوم” عام 2001، لاحظ إمكانية تطوير نموذج مشابه في السوق الخليجي.
اعتمدت الإنترنت كوسيلة أساسية لربط المطاعم بالعملاء. كانت الفكرة الجديدة تعتمد على منصة رقمية كوسيط بين الطرفين، مما يسهل عملية الطلب والتوصيل.
التأسيس برأس مال محدود
بدأ التأسيس الفعلي برأس مال لم يتجاوز 4000 دينار كويتي (حوالي 15 ألف دولار). تم تقسيم المبلغ بين أربعة شركاء، حيث استثمر كل منهم 1000 دينار كويتي.
واجه الفريق تحديات تقنية في إنشاء الموقع الأولي بسبب الميزانية المحدودة. بدأت العمليات من مكتب صغير في الكويت، بفريق عمل لا يزيد عن خمسة أفراد، مما يجعل هذه البداية نموذجاً للإصرار والطموح.
التحديات الأولى لشركة طلبات الناشئة
واجهت المنصة الوليدة سلسلة من التحديات التي كادت تعيق مسيرتها الناشئة. كان على الفريق التغلب على معوقات متعددة في التعامل مع المطاعم والعملاء على حد سواء، في بيئة لم تكن مهيأة بعد لمثل هذه الخدمة الرقمية.
صعوبة إقناع المطاعم بالمشاركة
واجه الفريق صعوبة كبيرة في بداية الأمر لإقناع المطاعم بالانضمام للمنصة. رفض 95% من المطاعم التي تم التواصل معها الفكرة في البداية، ولم يقتنع سوى 7 مطاعم فقط بالمشاركة.
اعتمد المؤسسون على استراتيجية ذكية لتجاوز هذه العقبة، حيث قدموا اشتراكات مجانية مع عمولة رمزية (200 فلس لكل طلب). كما درسوا بعناية أسباب فشل مشاريع سابقة في نفس المجال، مستفيدين من أخطائها.
عدم تقبل العملاء للفكرة الجديدة
لم تكن فكرة الطلب عبر الإنترنت مألوفة للعديد من العملاء عام 2004. واجهت الشركة معوقات ثقافية مثل عدم الثقة في الدفع الإلكتروني، بالإضافة إلى تحديات تقنية بسبب ضعف انتشار الإنترنت عالي السرعة آنذاك.
بلغ معدل الطلبات اليومي في الأشهر الأولى 32 طلباً فقط. طور الفريق حلولاً تعليمية مبتكرة لشرح آلية استخدام المنصة، مما ساعد على تغيير نظرة المستخدمين تدريجياً.
هذه التحديات المبكرة شكلت اختباراً حقيقياً لإصرار الفريق، لكنها أيضاً وفرت دروساً ثمينة مهدت لمراحل النجاح اللاحقة.
الانطلاق والنمو الأولي
شهدت السنوات الأولى تحولاً جذرياً في مسار الشركة الناشئة. ارتفع عدد الطلبات اليومية من 32 إلى 200 خلال ثلاث سنوات فقط (2004-2006). هذا النمو السريع جاء نتيجة تحسينات جوهرية في طريقة التعامل مع الشركاء والعملاء.
تغيير استراتيجية التعامل مع المطاعم
أدرك الفريق أن النمو المستدام يتطلب إعادة هندسة نموذج العمل بالكامل. بدأوا بتشغيل أسطول سيارات توصيل خاص بدلاً من الاعتماد على المطاعم. كما أدخلوا نظام تقييم المطاعم لضمان جودة الخدمة المقدمة للعملاء.
بحلول عام 2007، قفز عدد المطاعم المشاركة من 7 إلى 60 مطعماً. سجلت الإيرادات زيادة سنوية بلغت 300% خلال هذه الفترة. جاءت هذه القفزة بعد تحسين تجربة المستخدم وتوسيع نطاق الخدمات.
تزايد عدد الطلبات بشكل مطرد
مع تحسن الخدمة، تضاعفت أعداد الطلبات بشكل لافت. أطلق الفريق أول تطبيق جوال عام 2008 لمواكبة التطور التكنولوجي. كما طوروا برامج ولاء مبتكرة ساهمت في زيادة معدلات الاحتفاظ بالعملاء.
بحلول نهاية هذه المرحلة عام 2009، أصبحت الشركة رقماً صعباً في سوق التوصيل. شكلت هذه الإنجازات الأساس للانطلاق نحو التوسع الإقليمي الذي تلاها. كل ذلك تحقق بفضل الرؤية الواضحة والاستجابة السريعة لمتطلبات السوق.
مراحل التملك والاستحواذ
شكلت قرارات الملكية والاستثمار منعطفاً حاسماً في مسار الشركة. مرت المنصة بتحولات إدارية كبرى ساهمت في تعزيز مكانتها الإقليمية، حيث اتخذ مؤسسوها قرارات استراتيجية حول توقيت البيع واختيار المستثمرين المناسبين.
رفض خالد العتيبي للعرض الأول
في عام 2006، تلقى المؤسس خالد العتيبي عرض استحواذ بقيمة 100 ألف دينار كويتي. بعد دراسة متأنية، قرر رفض العرض رغم ضخامته نسبياً في ذلك الوقت، معتبراً أن القيمة الحقيقية للشركة أكبر بكثير.
قام العتيبي لاحقاً بشراء أسهم الشركاء الآخرين مقابل 75 ألف دينار، معززاً سيطرته على القرارات الاستراتيجية. أثبت هذا القرار حنكته عندما تضاعفت القيمة السوقية خلال السنوات التالية.
البيع لمحمد جعفر وتوسع جديد
بحلول عام 2010، استحوذ رجل الأعمال محمد جعفر على الشركة مقابل 880 ألف دينار. جاءت هذه الصفقة بعد تحسن أداء المنصة ووصول عدد الطلبات اليومية إلى 1600 طلب.
تحت إدارة جعفر، شهدت الشركة قفزة نوعية حيث ارتفع عدد الطلبات إلى 20 ألف طلب يومياً. نجح في زيادة القيمة السوقية 30 ضعفاً خلال 5 سنوات فقط، مع التركيز على التوسع في السعودية ودول الخليج الأخرى.
اعتمدت استراتيجية النمو الجديدة على تحسين البنية التحتية التكنولوجية وبناء شراكات استراتيجية مع مطاعم جديدة. شكلت هذه المرحلة أساساً متيناً للاستحواذ الكبير الذي تلاها لاحقاً.
التوسع الإقليمي في دول الخليج
لم يكن التوسع الجغرافي مجرد خيار لشركة توصيل الطلبات، بل ضرورة استراتيجية لضمان النمو المستدام. اعتمدت الخطة على دراسة متعمقة لخصائص كل السوق المستهدف قبل الدخول إليه. بدأت الرحلة عام 2007 بالسعودية، تلاها انتشار مدروس في الإمارات والبحرين وقطر.
الدخول للسوق السعودي
شكلت السعودية المحطة الأولى خارج الكويت بسبب حجم السوق الكبير وتشابه الثقافة الاستهلاكية. بدأت العمليات بفرع واحد فقط يسجل 50 طلباً يومياً، لكن الأرقام قفزت إلى 800 طلب خلال عامين.
واجه الفريق تحديات قانونية في التوطين، ما استدعى إنشاء مركز اتصال محلي بالكامل. نجحت الاستراتيجية في جذب 120 مطعماً خلال السنة الأولى، مع تركيز خاص على مناطق الرياض وجدة.
الانتشار في الإمارات والبحرين وقطر
حققت الإمارات أسرع نمو إقليمي، حيث وصلت الطلبات اليومية إلى 5000 عام 2015. اعتمدت الشركة على شراكات مع مطاعم محلية شهيرة، مع تكييف النظام ليتوافق مع القوانين الاتحادية.
في البحرين وقطر، اختلفت الاستراتيجية بالتركيز على المناطق الحضرية الكثيفة. تم تحقيق معدل نمو سنوي 40% خلال ثلاث سنوات، مدعوماً بحملات توعية مكثفة حول المدفوعات الإلكترونية.
اعتمدت سياسة الدخول المزدوج: الاستحواذ على شركات توصيل صغيرة مع الاحتفاظ بكوادرها المحلية. هذه المرحلة وضعت الأساس لتحول الشركة إلى عملاق إقليمي في مجال التوصيل.
الاستحواذ من قبل دليفري هيرو
شكل عام 2015 نقطة تحول كبرى في تاريخ الشركة مع صفقة استحواذ غير مسبوقة. دخلت المنصة عهداً جديداً بعد اتفاقية بيع بقيمة 170 مليون دولار، مما عزز مكانتها كأكبر منصة توصيل في منطقة الشرق الأوسط.
تفاصيل الصفقة بقيمة 170 مليون دولار
تمت الصفقة مع مجموعة دليفري هيرو الألمانية بعد مفاوضات استمرت 8 أشهر. اشترطت الاتفاقية الحفاظ على الهوية المحلية مع نقل الخبرات التقنية العالمية. تضمنت بنود الصفقة استثمارات ضخمة في البنية التحتية التكنولوجية.
قفز عدد المطاعم الشريكة من 500 إلى 65,000 خلال عامين فقط. جاء الاختيار المتبادل بين الطرفين نتيجة توافق الرؤى الاستراتيجية. شكلت هذه الخطوة أساساً لتحول جذري في نمط تقديم الخدمات.
التحول إلى علامة تجارية إقليمية
أدت الصفقة إلى اندماج علامة “أطلب” المصرية تحت مظلة المنصة عام 2020. أطلقت الشركة خدمات جديدة مثل “طلبات مارت” للتسوق الإلكتروني. تحولت المنصة من مجرد وسيط توصيل إلى نظام متكامل للخدمات اللوجستية.
زادت القيمة السوقية بنسبة 400% خلال خمس سنوات بعد الاستحواذ. أصبحت المنصة نموذجاً ناجحاً للشراكات بين الشركات الناشئة والمستثمرين الدوليين. أثبتت التجربة أن الدمج بين الخبرة المحلية ورأس المال العالمي يحقق معادلة نجاح فريدة.
طلبات اليوم: إنجازات وأرقام
تحولت المنصة من مشروع ناشئ إلى عملاق تقني يقدم خدمات متكاملة في قطاع التوصيل. اليوم، تتربع على عرش السوق بوجود قوي في 10 دول عربية وأكثر من 65,000 مطعم شريك.
الانتشار في 10 دول عربية
تمكنت المنصة من تعزيز وجودها في عدد من الأسواق العربية الرئيسية. تشمل شبكتها الآن السعودية والإمارات ومصر والأردن، مع تركيز خاص على المناطق الحضرية الكثيفة.
حققت نمواً سنوياً بنسبة 40% في أسواق شمال إفريقيا. يعتمد هذا النجاح على فهم دقيق لاحتياجات كل سوق محلي، مع الحفاظ على معايير الجودة الموحدة.
إحصائيات المستخدمين والطلبات
يبلغ عدد العملاء النشطين 6 ملايين مستخدم، بينما يعمل عبر المنصة 119 ألف سائق توصيل. يتم معالجة أكثر من مليون طلب يومياً عبر تطبيق الهاتف المحمول والموقع الإلكتروني.
تستثمر الشركة بكثافة في تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين مسارات التوصيل. ساهمت هذه الجهود في رفع متوسط الطلبات الشهرية إلى 20 مليون طلب، مع تحسين وقت التسليم بنسبة 35%.
توفر المنصة أكثر من 250,000 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة. تخطط للإدراج في بورصة دبي خلال العامين القادمين بتقييم أولي يصل إلى 10 مليارات دولار.
الخلاصة: دروس مستفادة من قصة نجاح طلبات
تقدم رحلة هذه المنصة نموذجاً ملهماً للشركات الناشئة في الاقتصاد الرقمي. بدأت بفكرة بسيطة وتحولت إلى إمبراطورية خدماتية بفضل الابتكار المستمر.
أبرز الدروس تكمن في المرونة التشغيلية والقدرة على التكيف. تغير نموذج العمل ثلاث مرات لمواكبة متطلبات السوق المتغيرة. هذا يثبت أن النجاح الحقيقي يأتي من الاستجابة الذكية للتحديات.
الاستثمارات الاستراتيجية لعبت دوراً محورياً في تسريع النمو. الجمع بين الخبرة المحلية والرؤية العالمية أنتج نموذجاً فريداً. أصبحت المنصة مثالاً يحتذى في تحويل الخدمات التقليدية إلى حلول رقمية متكاملة.
لرواد الأعمال: التركيز على قابلية التوسع منذ البداية هو سر البقاء. بناء نظام تقني قوي وشراكات استراتيجية يمهد الطريق للنجاح الدائم. هذه القيم هي ما يصنع الفرق بين المشاريع العابرة والعلامات التجارية الخالدة.
الأسئلة الشائعة
ما الذي ألهم تأسيس شركة طلبات؟
جاءت الفكرة بعد نجاح شركة “أطلب” المصرية، حيث أراد المؤسسون تقديم خدمة مماثلة في السوق الخليجية.
كيف بدأت الشركة رحلتها برأس مال محدود؟
بدأت برأس مال صغير، مع التركيز على تقديم حلول فعالة لتوصيل الطعام عبر الإنترنت، مما ساعد في النمو التدريجي.
ما أبرز التحديات التي واجهتها في البداية؟
واجهت صعوبة في إقناع المطاعم بالانضمام، بالإضافة إلى عدم تقبل بعض العملاء لفكرة الطلب عبر الإنترنت في البداية.
كيف تغلبت الشركة على هذه التحديات؟
غيرت استراتيجية التعامل مع المطاعم وعملت على تحسين تجربة المستخدم، مما ساهم في زيادة الطلبات تدريجياً.
ما هي مراحل التوسع الإقليمي للشركة؟
بدأت بالسوق السعودي، ثم توسعت إلى الإمارات والبحرين وقطر، لتصبح علامة تجارية رائدة في المنطقة.
ما هي قيمة صفقة الاستحواذ من قبل دليفري هيرو؟
بلغت قيمة الصفقة 170 مليون دولار، مما عزز مكانتها كإحدى أكبر منصات توصيل الطعام في المنطقة.
ما هي إنجازات الشركة اليوم؟
تنتشر في 10 دول عربية، مع ملايين المستخدمين ومئات الآلاف من الطلبات يومياً.